اقتصاد وبورصة

2022 عام السياسات النقدية … والجنية يواجه الدولار وسط سعر صرف مرن

مع قرب نهاية العام

بقلم – محمد عباس

 

2022 عام السياسات النقدية، فمازال لم ينتهي العام وحدث كل ذلك، فلقد رفع الفيدرالي الامريكي أسعار الفائده ٦ مرات على التوالي خلال 6 جلسات عقدها منذ بداية العام.

حيث وصل سعر الفائدة 4% الي الوقت الحالي بعد ان كان قد بدأ العام ب 0.25% والذي لم يكن قد شهد أي تعديل من مارس/اذار 2020.

ويرجع السبب وراء تلك السياسات هو ارتفاع معدلات التضخم لأعلى معدل منذ 40 عاما مع زيادة أسعار الطاقة والغذاء على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية والذي وصل في مايو/أيار الماضي إلى 8.6%، نتكلم هنا على الدولار والذي يمثل ثلثي جميع الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك المركزية حول العالم.

وبالتبعية اتخذت البنوك المركزية حول العالم حزمة من السياسات النقدية الخاصة برفع سعر الفائدة تأثراً أيضأً بمعدلات التضخم على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية و زيادة أسعار الطاقة والغذاء.

على الصعيد المحلي، قام البنك المركزي المصري منذ بداية العام بحزمة من السياسات الأقتصادية كان نتاجها الوصول لسعر صرف مرن للجنية.

فمع بداية الأزمه الروسية الاوكرانية نهاية فبراير 2022، واجه الاقتصاد المصري العديد من الصدمات ذات الاثر المباشر على حصيلة النقد الاجنبي من جهة؛ نتيجه محاولاته سد عجز الموازنه، وعلى المستوى العام للأسعار من جهة أخرى؛ نتيجه ارتفاع الاسعار العالمية للبترول والمواد الغذائية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة؛ مما أدى إلي ضغوط تضخمية عالمية ومحلية.

وسجل معدل التضخم طبقاً للبنك المركزي 10.5% بداية شهر مارس/اذار 2022 وارتفع ل 13.11% بنهاية الشهر بعد أن كان بدأ العام بمعدل 7.26% وذلك على عكس معدل التضخم الذي كان البنك المركزي يستهدفه البالغ 7%، أدت تلك الموجة التضخمية إلى تحرير سعر الصرف في 21 مارس 2022 خلال جلسة استثنائية عقدها المركزي، أدت إلى تراجع قيمة الجنيه المصري بنحو 25% حيث بلغ سعر الدولار في مارس 2022 نحو 19.20 جنيهات مقابل 15.60 جنيهات في نهاية 2021 مع استمرار وجود فجوة بين سعر الصرف داخل البنوك وفي السوق الموازية بما يزيد على 20%.

وقام المركزي أيضاً برفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس في محاولة لامتصاص السيولة وتحجيم التضخم، وكان أهم شكل لامتصاص السيولة هو طرح شهادات سنوية بعائد 18% في بعض البنوك الحكومية، والتي مثلت حصيلتها 750 مليار جنيه خلال 71 يوماً، استناداً لما ورد تمثلت أهم النتائج في تحجيم معدل التضخم على المدى القصير حيث سجل خلال الثلاث أشهر التالية (مايو ويونيو ويوليو) 13.53% و 13.15% و 13.64% علي التوالي، وأيضاً خفضت تلك الأجراءات الكثير من الأعباء التي تتحملها الحكومة لاستمرارها في دعم العملة المحلية عند مستويات أقل من قيمتها الحقيقية.

ولا ننسى أن الاحتياطيات الرسمية والأصول الأخرى بالنقد الأجنبي سجلت تراجعاً حاداً؛ حيث بلغت 37.4 مليار دولار في نهاية أغسطس 2022 من 54.5 مليار دولار في نهاية فبراير 2022، ومع استمرار ارتفاع معدل التضخم قام المركزي خلال اجتماعه في مايو برفع الفائدة 200 نقطة أساس في محاولة لتشجيع البنوك المحلية لرفع أسعار الفائدة على الودائع واجتذاب المزيد من السيولة، وبالفعل نتج عن ذلك طرح بعض البنوك لشهادات ثلاثية جديدة تراوح عائداها بين 13% و 14%.

ومع استمرار وتيرة الارتفاع في معدل التضخم ليسجل في بداية سبتمبر 15.02%، فلم تتوقف سياسات المركزي، فقد قرر المركزي خلال اجتماعه في 22 سبتمبر بزيادة نسبة الاحتياطي من 14% إلي 18% في شكل آخر من أشكال أمتصاص السيولة من البنوك.

ومع بداية أكتوبر سجل معدل التضخم 16.24% واصلاً بذلك لأعلى معدل له خلال أربعة أعوام وذلك منذ 2018، متأثرًا بانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتداعيات التضخم العالمي، ومع استمرار تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 33.141 مليار دولار خلال شهر أغسطس والذي بدوره المركزي اتخذ حزمة جديدة من السياسات النقدية تمثلت في تحرير كامل لسعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى ليتحدد بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن، ليصل الجنية إلي أدنى مستوى له مقابل الدولار خلال الشهر الحالي ليبلغ حوالي 24.52 جنية لكل دولار بنسبة انخفاض حوالي 25%، وسعي المركزي للاستمرار في جذب المزيد من السيولة برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس.

كما قرر الإلغاء التدريجي للتعليمات الصادرة بتاريخ 13 فبراير 2022 والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد حتى اتمام الالغاء الكامل لها في ديسمبر 2022، واتخذت مجموعة من الاجراءات بالتعاون مع البنوك المحلية تمثلت في أصدار شهادات ثلاثية جديدة بعوائد وصلت ل 17.25% لمزيد من السيطرة على جانب الطلب، كما اتخذت بعض الاجراءات لمواجهة نقص النقض الأجنبي تمثلت في أصدار شهادات جديدة بالدولار للأفراد بعائد 5.30%، وخفض حدود السحب النقدي من العملة الأجنبية من خارج مصر بنسبة وصلت 50% في بعض البنوك.

استناداً لما ورد أعلاه، عاني العالم منذ بداية الازمة الروسية الأوكرانيه من موجة تضخمية عنيفة، دفعت البنوك المركزية حول العالم لاتخاذ المزيد من السياسات النقدية لتحجيم الطلب والسيطرة على مستوي الأسعار.

حيث قاد الفيدرالي الأمريكي هذة السياسات، وبالتزامن قامت البنوك المركزية حول العالم باتخاذ سياسات نقدية مشابهة وأخري غير مشابهة تتناسب مع طبيعة اقتصاديتها، حيث وضح المركزي المصري ان مجموعة السياسات النقدية التي قام بها خلال العام كان الدافع إليها هو السعي وراء تحقيق الأستقرار في المستوي العام للأسعار، ودفع الأقتصاد الي النمو المستدام واستكمال تحقيق طفرة في معدل النمو المحلي مع وجود أزمة عالمية.

وبالنسبة لهذه الأهداف نجد أنه رغم استمرار أرتفاع مستوى التضخم الأ أن السياسات النقدية التي اتخذها المركزي حجمت من تفاقمه، فلا ننسي أن جزء كبير من هذا التضخم يرجع الى تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنية، وهذا ينعكس على المستوي العام للأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة، وأن جزء آخر نتج عن التضخم العالمي وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية؛ وذلك نتيجة نقص المعروض العالمي.

ومن هنا نستنتج أن جزء كبير من المشكلة كان بجانب العرض، وأن اتخذت الدولة المزيد من الإجراءت التي حجمت جانب الطلب وقلصت من السيولة المحلية جراء ذلك، لكن يبقي هنا جزء كبير لم يتم العمل علية بشكل كبير، يجب على الدولة المصرية العمل على زيادة جانب العرض من السلع الأساسية والغذائية عن طريق اتباع سياسة أحلال الأنتاج المحلي محل الواردات، من خلال تشجيع القطاع الأنتاجي والمستثمرين المحليين والعمل علي جلب المزيد من الاستثمارات الاجنبية، وتسهيل الأجراءات الأستثمارية ودعم القطاع الأنتاجي المنتج لهذة السلع الأساسية والغذائية، وبالنسبة لمعدل النمو فقد توقع البنك الدولي نمو الأقتصاد خلال عام 2023 بمعدل %4.8 بعد أن حقق معدل نمو العام الحالي 6.6% وسط توقع نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 2.7% خلال عام 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock