لايف

مصر تتحدى الفساد  الدكتور عادل عامر

العالم الاقتصادي

الدكتور عادل عمر

أن آفة الفساد تُعد أحد المعوقات الرئيسية في طريق التقدم وتحقيق التنمية المستدامة والتطلعات المشروعة لشعوب القارة الأفريقية. وأوضح أن الجهود المصرية المبذولة في هذا السياق لم تنعزل عن الجهود الدولية في مكافحة تلك الظاهرة، حيث تلتزم مصر بمعايير ونظم المحاسبة والمراجعة الدولية وفقاً لأعلى المتطلبات، كما انضمت إلى الاتفاقيات الأممية والأفريقية والعربية ذات الصلة. لما تم وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد كانت الدولة  تستهدف من خلالها  وضع أهداف وسياسات تكفل محاصرته وتفعيل ثقافة مجتمعية رافضة له من خلال مرحلتين: 

 الأولى (٢٠١٤-٢٠١٨)                                   والثانية (٢٠١٩-٢٠٢٢)  

مما عزز ثقة الأمم المتحدة في إسناد تنظيم المؤتمر الدولي لمكافحة الفساد الذى سيقام في ديسمبر ٢٠٢١م لجمهورية مصر العربية بحضور ١٨٦ دولة . 

لان هذه الاستراتيجية حققت نتائج إيجابية من خلال تطوير البنية التشريعية الداعمة لمكافحة الفساد مثل قانون الخدمة المدنية وقانون الاستثمار وقانون مكافحة الجريمة المنظمة والإتجار في البشر ، وتعديل بعض القوانين مثل قانون الهيئات الدولية وإضافة بعض الجرائم مثل النقد الأجنبي لاختصاصات هيئة الرقابة الإدارية، إنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد التي تدرب بها عدد كبير من المصريين وغير المصريين على سبل مكافحة الفساد مع أهمية زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية من الفساد ومكافحته من خلال تفعيل دور الأنشطة الطلابية وإعداد المنهج الدراسي للجامعات تحت عنوان ” حقوق الإنسان ومكافحة الفساد” وتنظيم حملات إعلامية وإعلانية لرفع الوعى بأهمية منع الفساد ومكافحته. 

وهنا يأتي  دور هيئة الرقابة الإدارية في امتداد متابعة سير العمل بالقطاع الخاص وتذليل مشكلاته بالإضافة إلى المعاونة في اختيار المرشحين للوظائف القيادية في الدولة.  ومن ناحية اخري جاء دور  المرأة المصرية في مكافحة الفساد التي أثبتت عبر التاريخ التزامها ونزاهتها، وهى شريك أساسي في مكافحة الفساد. ، أثبتت عبر التاريخ التزامها ونزاهتها وريادتها في مجال اكتساب الحقوق والحريات والمواطنة الكاملة، ولطالما كانت شريكا أساسيا وفعالا في مكافحة الفساد، وكانت ولا تزال الداعم الأول لاستقرار الدولة المصرية وتقدمها. أن المرأة هي الأكثر تأثرا بنتائج الفساد في أي مجتمع، خاصة في مجال تقديم الخدمات، باعتبار إنها التي يقع على كاهلها المسئولية الكبرى لرعاية الأسرة وطلب الخدمات من صحة وتعليم وغيرها. أن مصر تحظى بإرادة سياسية حاسمة في دعمها للمرأة المصرية، وعازمة على المضي بجدية في تفعيل كل ما من شأنه تمكينها وتأهيلها للعب دورها باستحقاق، في تنمية وإعلاء شأن الوطن، وهناك علاقة إيجابية بين تمكين المرأة والمضي قدماً لمكافحة الفساد. أن الفساد يعد أحد أكبر المعوقات أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وترتبط مكافحته ارتباطاً طردياً مع التنمية والاستثمار والإصلاح الاقتصادي ونهضة المجتمع بشكل عام. 

 أن الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة، دعا إلى تكثيف العمل على التقليل في معدل الفساد، كجزء أساسي من الجهود الرامية إلى بناء مجتمعات سليمة وشاملة.  

أن مصر تعد من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكانت سباقة في دعم أجهزة إنفاذ القانون ومكافحة الفساد، من خلال أجهزتها ومؤسساتها وعلى رأسها هيئة الرقابة الإدارية، التي تمثل مصر في تنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد. 

اثبتت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي  التي تؤكد إيمان الإرادة السياسية المصرية بمكانة وقدرات ونزاهة المرأة، إن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وحماية تعزيز حقوقها هي عناصر تمثل ركائز أساسية لضمان نهضة المجتمعات الإنسانية ولتحقيق التنمية المستدامة ولا يمكن أن يتم تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشكل كامل دون حماية حقوق المرأة وتمكينها، بما يتفق مع ما جاء في المواثيق الدولية ذات الصلة”. 

ويأتي إيمان الإرادة السياسية بالمرأة لم يقف عند حد الكلمات، لكن تمت ترجمته في واقع ملموس، حيث اشتمل الدستور المصري 2014 على أكثر من 20 مادة تؤكد ما تحظى به المرأة المصرية من دعم وتقدير لمكانتها وقدراتها، وتم إعلان عام 2017 عام المرأة المصرية في سابقة هي الأولى من نوعها. 

أن المرأة في البرلمان شغلت نسبة 25%، وفى الحكومة 25%، وفى منصب نائب الوزير إلى 27%، وفى المجالس المحلية القادمة إلى 25%، وفى منصب نائب محافظ وصلت إلى 31% أن مصر انضمت لاتفاقية مكافحة الفساد إيمانا بضرورة مكافحة الفساد والتعاون الدولي في هذا الاتجاه. 

 وزعم أن توجيهات عبدالفتاح السيسي تشدد على دعم الدولة المدنية الديمقراطية ومكافحة الفساد. وأضاف أن حكومته تنطلق من إرادة سياسية واضحة لمكافحة الفساد باعتبار ذلك عنصرا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة ودعم حقوق الإنسان. أن مصر قطعت شوطاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الفساد بمختلف صوره. أن مصر اهتمت بإجراء البحوث والدراسات واستطلاعات الرأي بهدف تعقب أسباب الفساد والوقوف على قياسات حقيقية له”. أن الاهتمام المصري بهذا الشأن اكتسب وضعية خاصة في ضوء التأكيد الدستوري على مبدأ التزام الدولة بمكافحة الفساد، وفرض التزام الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً للحفاظ على المال العام وتحقيقاً لحسن إدارته وتنظيم الاستفادة منه لصالح الشعب بالمقام الأول فقد سن وتفعيل التشريعات اللازمة لمكافحة الفساد بشتى أنماطه باعتباره أحد أبرز العقبات الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة، فضلاً عن إنشاء كلٍ من اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، والأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد. مع ضرورة تكاتف جهود الجميع بشكل منسق في المجالات السياسية والتشريعية والقضائية والرقابية لمكافحة آفة الفساد التي تنخر في اقتصاديات الدول، ونشر الوعي بمفهومها وبيان أخطارها وآثارها،  

ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالة على تدني الرقابة الحكومية، وضعف القانون، وغياب التشريعات، وقد ينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة، والنزاهة، في شغل الوظائف العامة 

مظاهر الفساد: من أبرز مظاهر الفساد المنتشرة في العالم العربي – وهي متشابهة ومتداخلة  

• الرشوة: أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل مخالف لأصول المهنة، وهي منتشرة في كثير من الدول الغربية والدول النامية. 

• المحسوبية: أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص؛ مثل: حزب أو عائلة أو منطقة، دون أن يكونوا مستحقين لها، وهي منتشرة في الدول العربية بشكل عام. 

• المحاباة: أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة، بغير حق للحصول على مصالح معيَّنة. 

• الواسطة: أي التدخل لصالح فرد ما أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة؛ مثل: تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء رغم كونه غير كفء، وهي منتشرة كثيرًا في العالم العربي. 

• نهب المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق بشكل سري تحت مسميات مختلفة. 

• الابتزاز: أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد. 

• غسيل الأموال: هي عملية إخفاء المصدر غير القانوني لهذه الأموال وتحويلها أو دمجها في الاقتصاد المشروع. 

وقد أظهر التقرير الأخير الذي نشرته منظمة الشفافية العالمية التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرًّا لها – أن جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والبالغ عددها 21 دولة، لا تزال تحافظ على ترتيبها في سلم الفساد العالمي. وجاءت نتائج معظم الدول العربية في المؤشر مخيِّبة للآمال، حيث حصلت على تقدير متوسط 35 درجة من درجات المؤشر البالغة 100 درجة، حيث تمثل هذه النتائج تحذيرًا من إساءة استخدام السلطة والتعاملات السرية والرشوة. يظل الفساد بشتى أطيافه أحد معاول الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ ولهذا فأحسن وسيلة لمحاربة الفساد هو أن تكون هنالك خطة استراتيجية شاملة لإعادة العدل بمختلف صوره في المجتمع من القمة إلى القاعدة، ومن القاعدة إلى القمة، وإنهاء الظلم وأشكال الاستغلال في كل المجتمعات من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock