العالم الاقتصادي

الهيدروجين الأخضر .. مصر الجوكر الجديد في السوق العالمي للطاقة المتجددة

تزامنا مع قمة المناخ

بقلم – محمد عباس

علي هامش قمة المناخ بشرم الشيخ يطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي المرحلة الأولى لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العين السخنة بقدرة 100 ميجاوات، يعد الهيدروجين الأخضر هو الموضوع الابرز الآن على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث أعلنت العديد من دول العالم بما فيها الدول المتقدمة مثل أستراليا وفرنسا، والدول الناشئة مثل الهند والبرازيل عن مبادرات للههيدروجين الأخضر، ولم تتـأخر مصر في مواكبة التطور العالمي والتحول للاقتصاد المستدام ومصادر الطاقة المتجددة.

ففي يوليو 2021، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعداد استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ونفذت خطة وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 40 مليار دولار في الفترة المقبلة في إطار إستراتيجيتها للتنمية الاقتصادية المستدامة.

ومنذ ذلك الوقت وقعت الحكومة المصرية علي حوالي 16 مذكرة تفاهم مع مؤسسات دولية وشركات أجنبية متخصصة في إنتاج الطاقة المتجددة والجديدة لتنفيذ مشروعات إنشاء مجمعات صناعية لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالمنطقة الصناعية في العين السخنة.

كان من بين أهم تلك الاتفاقيات توقيع 7 مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات والتحالفات العالمية ضمن كل من شركة “جلوبال إك” البريطانية، وشركة الفنار السعودية، وشركة “الكازار للطاقة” الإماراتية، وشركة كيه آند الإماراتية، وشركة إم إي بي الأمريكية/المصرية للطاقة، ومجموعة إيه إس إم إي الهندية المتخصصة في مجال الهيدروجين الأخضر، وشركة “أكتس” البريطانية، وأيضا وُقّعت مذكرة تفاهم مع “رنيو باور”، وهي إحدى الشركات الرائدة في الطاقة المتجددة في الهند، لتنفيذ مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار، وبطاقة 220 ألف طن سنويًا.

لماذا الهيدروجين الأخضر؟

يشير مصطلح الهيدروجين الأخضر إلى إنتاج الهيدروجين باستخدام مصادر طاقة متجددة من دون أي انبعاثات كربون، ويمكن استخلاص الهيدروجين بشكل عام من الوقود الأحفوري والكتله الحيوية، أو المياه، أو مزيج من الاثنين معا، ويعد المصدر الرئيسي لانتاج الهيدروجين في الوقت الحالي هو الغاز الطبيعي، وعلي الصعيد العالمي يساهم الغاز الطبيعي بنحو 75% من أنتاج الهيدروجين السنوي، بينما ينتج حوالي 0.01% من أنتاج الهيدروجين السنوي من التحليل الكهربائي للماء، وهو مايطلق علية الهيدروجين الأخضر لاعتماده على الطاقه المتجددة، وأهم مايميز الهيدروجين هو أنه يحتوي علي مايقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الأحفوري.

لماذا مصر؟

تعتبر مصر مركزاً محورياً في الشرق الأوسط وأفريقيا من حيث الموقع الجغرافي المتميز، والذي يجعلها سوقاً مركزياً، كما أنها تتميز بقربها من أوروبا والاسواق الأسيوية الناشئة، وتمتلك مصر العديد من الاتفاقيات التجارية التي تربطها مع مختلف القارات والتكتلات مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (بافتا) والتي تربطها بالشرق الأوسط، واتفاقیة التجارة الحرة القاریة الأفریقیة (AFCFTA) والتي تربطها بأفريقيا، وأيضا اتفاقیة الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي.

كما تمتلك الدولة المصرية الموارد اللازمة بوفره لأنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك مع وجود فائض كبير في القدرات الاسمية للطاقة الكهربائية والذي يبلغ نحـو 15 ألف ميجـاوات مـع أقصى اسـتهلاك للطاقـة الكهربائية خلال فترة الصيـف، كما تنعم مصـر بوفرة أشـعة الشـمس والرياح؛ لوقوعها في قلب الحـزام الشمسـي العالمـي مابين خطـي 31 و22 ً عرض شـمالا، وجود بنيـة تحتية كبيـرة تتمثل في شـبكات نقـل وتوزيع الغـاز الطبيعي، بمجمـوع أطوال يبلـغ نحو 60 ألـف كيلومتر، تربـط جميع المناطـق الصناعية والسـكانية والموانـي البحرية فـي مصـر.

العوائد المتوقعة

تتمثل العوائد المتوقعة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لمصر في حدود (10-18) مليار دولار بحلول عام 2025، ومن المستهدف الاستحواذ على ثمانية بالمئة من سوق الهيدروجين عالميا، كما ستؤدي تلك الأستراتيجية إلي خلق 100 ألف وظيفة جديدة، وتخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وتحقيق المستهدفات الوطنية المتعلقة بتقليل انبعاثات الكربون ومساهمة مصر في تحقيق المستهدف العالمي المتعلق بتقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار 55 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2050.

 

وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة العالمية ووصول سعر برميل خام البرنت إلي أعلى مستوي له فالعام الحالي (130 دولار/برميل) علي خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ظل استمرار حدة التغيرات المناخية الناتجة عن انبعاثات الغازات الدفيئة، يعتبر التوقيت الحالي -والتي بدأت فيه مصر باتخاذ خطوات جاده تجاه التنمية المستدامة والتي تمثلت في رؤية مصر 2030، ووضع استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة 2035 والتي تستهدف تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، لتصـل نسبتها إلى حوالى 42٪ عـام 2035- هو التوقيت المثالي علي الصعيد العالمي والأقليمي والمحلي.

ومن خلال المقال بالأعلي وجدنا دليلاً واضحاً على جدية الأقتصاد المصري بالتحول الأخضر عن طريق وضع الاستراتيجيات وأبرام العديد من مذكرات التعاون مع مختلف المؤسسات الدولية والشركات الأجنبية، والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العين السخنة، وأن الدولة المصرية قادرة علي أكمال عملية النمو والتنمية، بل وقادرة على أن تكون جوكر عالمي للطاقة المتجدة.

ولأستمرار النجاح والأستمرارية فلابد من وجود جدول زمني للأستراتيجية المعلنه، يحدد به آليات التنفيذ في تواريخ معينه، وأن يخضع لجهة سيادية مسئولة عن المتابعة وتوثيق التقدم وتسهيل الصعوبات أمام المستثمرين الطموحين للأستثمار في مجال الطاقة المتجددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock