مدبولي: توجيهات من الرئيس بتوفير رصيد احتياطي دائم لا يقل عن 3 – 6 أشهر
من السلع الأساسية
العالم الاقتصادي
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرا صحفيًا، اليوم بمقر مجلس الوزراء، بحضور وزراء السياحة والآثار، والتموين والتجارة الداخلية، والمالية، والزراعة واستصلاح الأراضي، والتجارة والصناعة.
واستهل رئيس الوزراء حديثه، بالإشارة إلى أن هذا المؤتمر، الذي يعقد بتواجد عدد من السادة الوزراء، يأتي في ضوء حرص الحكومة، كعادتها في مختلف الأزمات والتحديات، على اتباع نهج الشفافية والمكاشفة وتوضيح الحقائق للشعب المصري؛ حتى نتجاوز معا هذه الشدائد والمحن، لافتا إلى أن هذا النهج مستمر منذ أزمة جائحة ” كورونا”، حيث أثبتت الدولة المصرية قدرتها على الصمود، والقدرة على تخطي هذه الأزمة الكبيرة، ونجحنا في تحقيق معدلات تنمية شهد لها العالم أجمع، رغم كل التحديات والصعاب التي واجهت الدولة في هذا الشأن.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: اليوم يعد هو اليوم الرابع عشر في الأزمة الجديدة وهي الأزمة الروسية الأوكرانية، التي طالت تداعياتها وآثارها السلبية كل دول العالم، وانعكست آثارها بالتالي علينا في مصر، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي مر بالعديد من الأزمات منذ عام 2008 تقريبا، وكلما بدأنا نتعافى من أزمة تتبعها أزمة أخرى جديدة؛ فعلى الرغم من أننا كنا على وشك التعافي من أزمة كورونا وما تلاها من أزمة التضخم واضطراب سلاسل الإمداد، حيث شهدت الأسواق اضطرابا شديدا وارتفاعا في الأسعار للسلع العالمية بسبب هذا التضخم، وكذلك ارتفاع تكلفة الشحن، فإن الحكومة وهي تراقب عن كثب تلك الأزمات الاقتصادية، بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية لتلقي بظلالها على كل دول العالم وليس فقط على هاتين الدولتين المنخرطتين في هذه الأزمة، وهو ما أدى إلى ظهور موجات تضخمية كبيرة التي تحدث عنها جميع خبراء العالم، كما أن صندوق النقد الدولي أكد أنه ستكون هناك تأثيرات كبيرة جراء هذه الأزمة على اقتصادات العالم والأسواق المالية، وفي كل بلدان العالم، إضافة لما قاله رئيس البنك الدولي، والذي التقيناه الأسبوع الماضي، من أن الأزمة الروسية الأوكرانية اندلعت في وقت سيئ للغاية يشهد التضخم فيه معدلات عالية وتواصل الأسعار ارتفاعاتها على مستوى العالم، مما زادت معه حدة هذه الأزمة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه بعد 14 يوما فقط من اندلاع الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا والتي تكبد العالم نحو 400 مليار دولار، حسبما يرى الخبراء، حتى أن دول العالم بدأت تغير لهجتها التفاؤلية مع بدء التعافي من جائحة كورونا لتظهر نظرة تشاؤمية حيال الأزمة الجديدة وانعكاساتها على اقتصادات الدول، وبدلا مما كان متوقعا أن تستمر موجات التضخم لفترة مؤقتة، أصبحت هناك آراء عديدة ترجح استمرار هذه الموجات لفترات أخرى.
وضرب رئيس الوزراء عدة أمثلة تبين حجم الآثار السلبية للموجات التضخمية، التي طالت الدول العظمى نفسها، مشيرا في هذا السياق إلى أن معدل التضخم في الولايات المتحدة وصل إلى 7.5%، كما أن دول أوروبا ومنطقة اليورو وصلت بها نسبة التضخم إلى 6%، رغم أن هذه الدول لم يكن معدل التضخم بها يتجاوز 1% أو 2%، وهو الأمر الذي يشير إلى أن معدلات التضخم زادت بمقدار 3 أضعاف في فترة وجيزة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هذه الموجات التضخمية نتج عنها قفزات هائلة في الأسعار بشكل حاد للغاية على مستوى العالم ولجميع السلع الاستراتيجية؛ ضاربا المثل بالقمح الذي ارتفع سعره عالميا بنسبة 48% بما يمثل أكثر من 100 دولار زيادة على كل طن خلال الـ 14 يوما منذ اندلاع الأزمة، كما زاد سعر الذرة بنسبة 30%، وفول الصويا الذي يدخل في زيوت الطعام زاد سعره عالميا أيضا بنسبة 24%، كما ارتفعت أسعار السكر عالميا بنسبة 7%، واللحوم المجمدة بنسبة 11% والدواجن بنسبة 10% على مستوى العالم، إضافة إلى أسعار البترول التي قفزت بنسبة 55% منذ اندلاع الأزمة يما يمثل 35 دولارا زيادة، وهي قفزات لم يشهدها العالم منذ عشرات السنين، فضلا عن ارتفاع تكلفة الشحن التي كانت قائمة بالفعل وتفاقمت بعد وقوع الأزمة الراهنة.
وقال رئيس الوزراء : كان من الطبيعي أن تتأثر الدولة المصرية بكل هذه الارتفاعات وتلك الموجات التضخمية المتلاحقة التي طالت كل بقعة في العالم، فنحو 35% من التضخم في مصر يرد من الخارج تأثرا بتلك الموجات، لافتاً إلى أن الدولة تعي وتدرك تماما شكوى زيادة وغلاء الأسعار، ولذا فقد قامت قبل وقوع الأزمة الروسية الأوكرانية، ومنذ بدء موجة التضخم العالمية بالعمل على مدار الساعة، لامتصاص أكبر قدر ممكن من التأثيرات السلبية لموجات التضخم، مشيراً إلى أن دولاً أخرى كثيرة تقوم بتحويل كل هذه الزيادة مباشرة على المستهلك والمواطن، ضارباً المثل بسعر البترول الذي زاد سعره بنسبة 100% في الدول الأوروبية فقط خلال الـ 14 يوماً الماضية، وهو ما يعكس اتجاه بعض هذه الدول إلى تحميل المواطن مباشرة زيادة الأسعار التي تطرأ على أي سلعة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة المصرية تعي تماماً أن لديها وضعا خاصا ومختلفا عن تلك الدول، وبالتالي فهي دائماً ما تراعي البعد الاجتماعي، ولذلك كانت التنسيقات مع الوزراء في المجموعة الاقتصادية، وبالأخص وزير المالية، تركز على سبل استيعاب الآثار الناجمة عن هذه الموجات التضخمية بأكبر قدر ممكن، وتحميل المواطن جزء يسير منها فقط، موضحاً أن هذه هي سياسة الحكومة وستواصل السير على هذا النهج، طالما أن الدولة قادرة على الاستيعاب بأكبر قدر ممكن في ضوء الموازنة الحالية والاحتياطيات، مضيفاً أنه من المؤكد حدوث زيادات، ولكن الأمر يتعلق بنسبة هذه الزيادات في مقابل الزيادة الفعلية التي يشهدها العالم، والتي تؤثر بالتالي على الدولة المصرية.
واستشهد رئيس الوزراء بشكوى المواطنين من ارتفاع سعر الدقيق في مصر بنسبة 9% قبل الأزمة، و17% بعد الأزمة، إلا أن الواقع يؤكد أن سعر الدقيق زاد في العالم بنسبة 48% مرة واحدة، موضحاً أن نسبة الزيادة في مصر لا تزال تعتبر أقل من النصف مقارنة بالزيادات العالمية، وهو ما ينطبق على نسبة زيادة السكر والزيت كذلك، فعلى الرغم من زيادة سعر الزيت بنسبة 10% في مصر، إلا أن زيادته العالمية وصلت إلى 32%، مجدداً التأكيد أن الدولة المصرية تسعى دوماً في ضوء الإمكانيات والقدرات المتاحة لاستيعاب جزء كبير من التضخم على موازنتها.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن هذا النهج يتم اتباعه أيضا بالنسبة للزيادات الخاصة بالدواجن واللحوم، مشيرا إلى أن الدواجن شهدت بالفعل زيادات أكبر من الزيادات التي حدثت في السوق العالمية، ولذلك كان هناك نقاش مع وزير الزراعة حول سبل التعاون مع “اتحاد الدواجن” لتوفير منتجات البيض والدواجن بأسعار مناسبة، مع احتواء هذه الأسعار خلال الفترة القادمة، كما جرت مناقشات وتنسيقات مع الغرف التجارية لضمان وتأمين السلع الغذائية بأسعار عادلة ومقبولة وتجنب أي نوع من المغالاة.
وفي الوقت نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية وبتوجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تعمل على توفير رصيد احتياطي دائم لا يقل عن 3 إلى 6 أشهر من السلع الأساسية، ومنذ تشكيل هذه الحكومة نعمل على تحقيق ذلك، وهو الأمر الذى أدى إلى عدم شعور المواطن بحدوث نقص في أي سلعة في خضم هذه الأزمة، وما سبقها من أزمة كورونا، بينما كنا نشهد في دول العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة، اصطفاف مواطنيها للحصول على السلع الرئيسية، إلا أنه ـ بفضل الله ـ سيجد المواطن المصري هذه السلع متوافرة في أي مكان يتوجه إليه، مخاطباً المواطنين بأنه لا داعي للجوء إلى شراء وتخزين السلع، لأنه سيتم توفيرها بصورة مستمرة.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة المصرية لديها فائض واحتياطي من السلع الاستراتيجية، منوهاً إلى أن ذلك ليس بفضل جهود الحكومة فقط، بدل هو نتاج تضافر وتعاون جميع الجهات والأجهزة المعنية بالدولة، والقطاع الخاص، مشيراً إلى أن احتياطي القمح يكفي حاجة الاستهلاك المحلي لمدة أربعة أشهر، وهو ما يجعلنا لا نحتاج إلى شراء أي شحنات إضافية كدولة، لافتا في هذا السياق إلى أنه مع منتصف شهر أبريل المقبل سيبدأ موسم حصاد محصول القمح المحلي، وهو ما يجعلني أطمئن الشعب المصري بأنه لا توجد أي أزمة أو احتياج للسوق العالمي لاستيراد القمح المطلوب لإنتاج الخبز المدعم، وذلك حتى نهاية العام الحالي 2022.
وخلال المؤتمر الصحفي، تطرق رئيس الوزراء إلى الحديث عن جهود التوسع في إقامة العديد من المنافد الخاصة ببيع السلع للمواطنين بأسعار منخفضة نسبياً، منوهاً إلى الاجتماع الأول للجنة الأزمة التي تم تشكليها، وعُقد أمس؛ لمتابعة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي جاءت على غرار لجنة أزمة فيروس كورونا، مؤكداً أنه تم التشديد خلال الاجتماع على ضرورة استمرار الرقابة على الأسواق، ومنع تخزين السلع أو إخفائها، لافتا كذلك إلى الاجتماع مع الغرف التجارية للتأكيد على ضمان وجود سعر عادل للسلع، بحيث لا تكون هناك مغالاة واستغلال للظروف الحالية.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أنه مع قرب حلول شهر رمضان المعظم كان من المخطط أن يتم البدء في إقامة معارض “أهلا رمضان” والتي تشهد توفير السلع بأسعار مخفضة، في 24 مارس الجاري، ولكن تم الاتفاق مع وزير التموين على أن يبدأ تشغيل المعارض في نهاية الأسبوع المقبل بالمحافظات، ثم بالقاهرة الكبرى، وذلك في إطار إتاحة السلع اللازمة للمواطنين لهذا الشهر الكريم، على أن تستمر تلك المعارض طوال الشهر المعظم.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى ما يتم تنفيذه من مشروعات قومية لاستصلاح الأراضي، التي تتكلف مئات المليارات، مؤكدا أن هذه المشروعات تأتي في إطار رؤية القيادة السياسية بضرورة زيادة القدرة على توفير احتياجاتنا من السلع الاستراتيجية، كما أننا قمنا بتأمين ذلك ضد أي مخاطر عالمية، موضحاً أن مساحة الأرض المنزرعة بمحصول القمح العام الماضي وصلت إلى 3.2 مليون فدان، ووصلت خلال العام الحالي إلى 3.6 مليون فدان، أي بزيادة تقدر بـ 400 ألف فدان عن العام الماضي، إضافة على الرقعة الزراعية المنزرعة بالقمح، لافتا إلى أن نسبة كبيرة منها في الأراضي الجديدة المستصلحة، وهناك توجيهات مستمرة من السيد الرئيس بضرورة الإسراع في دخول تلك الأراضي للخدمة وزراعتها، منوهاً في هذا الصدد إلى أننا في غضون العامين القادمين سنشهد دخول أكثر من 1.5 مليون فدان جديد.